بهرتنى صورة الآى باد الهندى الجديد وبهرنى أكثر سعره الرخيص جداً جدا، ٣٥ دولاراً فقط هو ما يحتاجه الطفل الهندى لشراء هذا الاختراع، المدهش أن الدولة تدعمه ليصل إلى يد الطالب الهندى بـ١٦دولاراً وقد وعد وزير التنمية البشرية بأنه سيصل بثمنه إلى عشرة دولارات فقط!!، تخيلوا لاب توب باللمس أو آى باد بخمسين جنيهاً فقط، إنها المعجزة الهندية التى جعلت من جهاز يباع فى أمريكا بخمسمائة دولار سلعة فى متناول الفقير الهندى بثمن أكلة هامبورجر!.

القضية ليست فى اللاب توب أو فى الآى باد ولكنها فى المنهج الذى يقف وراء اختراع ودعم هذا الكمبيوتر، قال المسؤولون إنهم سيدعمونه ويرخصون ثمنه من أجل المزيد من جودة التعليم، هذه السلعة التى أصبحت الهند أعظم دولة فى تسويقها، فالهند أعظم دولة فى مستوى التعليم فى العالم لدرجة أن الدول الكبرى ومنها اليابان ترسل بعثات دراسية للهند لكى تتعلم منها خاصة فى مجال البرمجيات، الهند تحولت من بلاد تركب الأفيال إلى بلاد تركب الفضاء وتغزو السماء، كيف؟! بالتعليم فقط، لم تجلس الهند تلعن الظروف وتسب بريطانيا الاستعمارية التى تسببت فى تخلفها بل أجادت واجتهدت وتفوقت حتى صار اقتصادها أقوى من اقتصاد بريطانيا، ويكفى أن تعرف أن الهند تصدر برمجيات بـ٤٦ مليار دولار أى مايساوى أربعة أضعاف دخلنا من السياحه وقناة السويس!!.

ما بهرنى هو منهج التفكير، فالهنود لم يخترعوا هذا الكمبيوتر الرخيص للاستعراض، ولكنهم يريدون ثورة اتصالات وتعليم وتفاعل فى بلد حدوده شاسعة وطبيعته قاسية وقراه متباعدة والأوبئة والمجاعات تفتك به، فعلى سبيل المثال لا توجد فى الكثير من القرى الهندية كهرباء لذلك فالآى باد الجديد له خاصية امتصاص الطاقة الشمسية لشحن البطاريات، وللجهاز قدرة فائقة على الاتصال بالإنترنت والتفاعل بالفيديو كونفرانس والاتصال بالسبورة الإلكترونية حتى يتفاعل الطلاب مع المدرسين ومع بعضهم البعض ومع المجتمع أيضاً بكل سلاسة وثقة، فضلاً عن ملاءمته لمتوسط دخل أى رجل هندى فقير، إن كل شىء يفكر فيه الهنود هو للمزيد من نهضة وجودة التعليم الذى سينعكس بالضرورة على الإنسان الهندى أهم ثروة هندية تباهى بها الهند العالم.

ليس مهماً أن يكون الآى باد الهندى فوتو كوبى للآى باد الأمريكى ولكن المهم أن ينجز الاحتياجات الهندية التى تتطلبها نهضة المجتمع الذى صار خامس أكبر قوة اقتصادية فى العالم، ومن المنتظر أن يصبح ثالث قوة اقتصادية خلال سنوات قليلة بعد الصين والولايات المتحدة، نحن مازلنا نتمنى كوب لبن لكل طفل وفى الهند صار شعارهم لاب توب لكل طفل، صارت الهند تشجع طلابها على الاختراع وليس فقط على مجرد إكمال الدراسة والحصول على الشهادة، فمن بين خمسة أقمار صناعية أطلقتها الهند منذ أقل من شهر هناك قمر صناعى صممه طلاب كلية الهندسة وهو قمر «ستودسات» الذى حمل توقيع طلاب فى العشرينيات، لم يصفهم أحد من المسؤولين الهنود بأنهم عيال فرافير ماعندهمش خبرة، أو أحبطهم العميد بطردهم من مكتبه حتى لايضيع وقته، ولم يساومهم الأستاذ على ثمن الملازم والمذكرات.

التعليم هو سر تقدم الهندى الذى صار يفتخر بأنه هندى!.